من المستبعد أن يوجد موظف في يومنا هذا لم يسمع بمؤشرات الأداء، فهذه المؤشرات تحيط بنا من عدة جوانب، البعض لديه مؤشرات أداء وظيفية تقيس عمله وإنجازه، والبعض الأخر لديه مؤشرات أداء مرتبطة بالإدارة أو القسم الذي يعمل به أو حتى المؤسسة التي ينتمي إليها، فتكون مؤشرات أداء استراتيجية أو تشغيلية، والبعض قد يضع مؤشرات أداء شخصية تتعلق بحياته الخاصة ويقوم بقياسها ومتابعتها.
صحيح أن ما لا يمكن قياسه لا يمكن إدارته، ولكن هذا القياس آخذ بالتحول خلال السنوات المقبلة وسيرسى على شكل لم نعده من قبل، وسيطال كل مفصل من مفاصل إدارة الأداء.
شكل المؤشر
سيكون التوجّه نحو المؤشرات المركبة والتي تتألف من مجموعة من المؤشرات بهدف قياس موضوع واحد. مع توفر التقنيات المناسبة في المستقبل، لن يكون تعقيد المؤشرات مشكلة أو تحدي لأن عمليات القراءة والقياس ستكون مؤتمتة ولحظية، فلن يشعر أحدنا بفرق إذا كان يقيس مؤشراً واحداً كعدد المعاملات التي ينجزها يومياً، أو أنه يقيس مؤشراً مركباً مكوّن من مجموعة مؤشرات كسرعة إنجاز المعاملة، دقة إنجازها، رضا المتلقي عن الخدمة، الحالة الجسدية والنفسية للموظف أثناء إنجاز المعاملة، وغيرها.
المستهدفات
أول سمة من سمات مستهدفات المستقبل أنها متغيرة وليست ثابتة، وهذا التغير لن يكون عند دورات المراجعة والتحديث ولكن سيكون بكل مستمر، فستستطيع في أي وقت أن تعرف نتيجة مؤشر محدد مقارنةً بالمستهدف، ولكن القول أن مستهدفك هو كذا… سيكون شيء من الماضي. لنستوعب هذه الفكرة، إذا كان لديك مؤشر شخصي يقيس وزنك ووضعت له مستهدف بأن تفقد 2 كغ شهرياً، ستنظر في ساعتك في أي وقت وستعرف كم وزنك الآن نتيجة القراءة التي تمت عند مرورك على الحساسات المنتشرة في كل مكان، وكم هي نتيجة مؤشر قياس الوزن، هذه النتيجة قد تجدها اليوم 80% وبعد ساعات 70% اعتماداً على قيمة المستهدف الذي سيتغير دائماً اعتماداً على معطيات كمستوى الأيض لديك في هذه اللحظة، حالتك النفسية، نوعية الطعام الذي أكلته في وجبتك السابقة، طبيعة حركتك، وغير ذلك.
دورية القياس
لن نشاهد في المستقبل مؤشرات لديها دورية للقياس كما هو الحال اليوم كمؤشر أداء شهري أو ربع سنوي أو سنوي، سيتم متابعة المؤشرات بشكل دائم ومستمر فالبيانات متوفرة في كل الأوقات ولن تكلّف قراءتها سوى كتابة بعض الأكواد البرمجية مرة واحدة فقط. بدأنا الآن نرى مؤشرات يتم متابعتها في الوقت الفعلي وبشكل مستمر ولكنها محصورة في مجالات ضيقة، في السنوات القادمة، ستصبح هذا هي القاعدة وما عدا ذلك استثناء.
المسؤول عن المؤشر
مسؤولية قياس المؤشرات ستصبح في يد برامج الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة بشكل كامل، لن يُطلب منك جمع البيانات أو تحضير قراءة لأي مؤشر أداء. كذلك فإنك لن تستطيع التحكم في الجهات التي ستطلع على نتائج هذا المؤشر. فنتائج قياس مؤشر له علاقة بالبيئة سيتم إرسالها تلقائيا إلى الجهات المسؤولة عن تخطيط وإدارة الأنشطة البيئية ولن يكون ذلك خياراً للمؤسسة، وإنما تطبيقاً للأنظمة المعمول بها والتي تم برمجة الذكاء الاصطناعي عليها، كذلك نتائج مؤشراتك الصحية سيتم تخزينها في ملفك الصحي، وعندما تصل إلى حد معين سيتم مشاركتها فوراً مع طبيبك أو مع الإسعاف لو كانت الحالة طارئة.
برامج إدارة الأداء والتقارير
ستختفي المهن المتعلقة بإعداد القراءات ونتائج المؤشرات والتقارير، لأنها ستصبح مؤتمتة بشكل كامل. وحتى مفهوم تقرير الأداء لن يكون متداولاً، فكل مؤشر يتم قياسه وإخبار الجهات المعنية بنتائجه عند الحاجة أولاً بأول. كذلك الأمر المرتبط بقراءة التقارير وتحليلها، لن يكون هناك سبب لقراءة تلك التقارير فالأنظمة ستقوم بذلك وسوف تقترح لنا أفضل الطرق للاستفادة منها والإجراءات التي يجب القيام بها بناءً على ذلك.
سيتسم مستقبل إدارة الأداء بسمتين رئيسيتين، الأولى أنه سيزداد أهمية بشكل كبير وسيصبح من البديهيات التي تقوم عليها الأعمال، والثانية أنه سيصبح سهلاً جداً ومتاحاً للجميع ولن يتطلب استثمارات لبنائه وصيانته والإشراف عليه.