إذا وجهّت لك السؤال التالي: كيف تقيّم نفسك مقارنةً مع متوسط أداء زملائك في العمل؟ هل أنت أفضل أم أسوء من متوسط أدائهم؟

على الأغلب أن إجابتك ستكون أفضل من المتوسط.

هذه الإجابة ليست غريبة، حيث وجدت عدة دراسات أن غالبية الناس يقيّمون أدائهم بأفضل من المتوسط. المضحك في الأمر أنه من المستحيل إحصائياً أن يكون أكثر من 50% من الناس أفضل من المتوسط. ولكن عندما تجيب عن هذا السؤال، أو تقوم بتقييم نفسك، فإن هذه الاستحالة تصبح ممكنة.

هناك عدة أسباب لهذه المبالغة، كوجود انطباع أن المتوسط هو أمر سيء، وجدت بعض الدراسات أن الناس يقدرون المتوسط في حالات معينة بأقل من قيمته الواقعية، وينتج عن ذلك أن تقييمهم لأنفسهم يكون أعلى من الواقع.

في حالات أخرى، تعود هذه المبالغة إلى ما يسمى تحيّز التعزيز الذاتي، أي ميلنا إلى نسب النجاحات والإنجازات إلى جهودنا الشخصية وتقليل دور الظروف الخارجية أو الأطراف الأخرى.

لا مشكلة في أن تحاول تقمّص الحالة الإيجابية والتركيز على التفكير الإيجابي، ربما يحصل لك ذلك عند حضور دورة في الطاقة الإيجابية، أو عندما تقرأ أحد تلك الكتب، فتشحن نفسك بشحنة إيجابية تسري في عروقك وتحولك في نظر نفسك إلى إنسان أفضل.

المشكلة تبدأ عندما تفقد القدرة على رؤية الواقع، وتقييم حجمك الفعلي وقدراتك الحالية. في هذه الحالة ستكون أحكامك غير واقعية، وبالتالي ستنحرف أفكارك وأهدافك وخططك وستصل بك إلى غير المكان الذي ترغب.

حتى أخفف عليك من المشقة النفسية التي تعانيها إذا ما قررت الاعتراف بأنك قريب من المتوسط أو أقل منه، حاول تقسيم عمليات التقييم إلى مواضيع فرعية ودقيقة، فيمكنك أن تشبع رغبتك بالتميز بتقييم بعضها عالياً، وتصبح أكثر واقعية في تقييم بعضها الآخر.