منذ أن تم صناعة بطارية بغداد قبل الميلاد، تعلّم الانسان تخزين الطاقة الكهربائية واستخدامها عند الحاجة، تعود البطاريات التي نستخدمها اليوم إلى عمل ألساندرو فولتا الذي قام به منذ حوالي 200 سنة.
شهدت البطاريات تطوراً كبيراً في السنوات الأخيرة بحيث أصبح يمكن شحنها خلال أوقات قصيرة وتستمر بالعمل لفترات طويلة إلى الحد الذي أصبحت تكفي السيارة الكهربائية للسير مئات الأميال.
كانت المعارف في الماضي تتبع نفس المبدأ فيمكنك الذهاب إلى الجامعة لتخزن طاقة في بطارية المعرفة الخاصة بك، وستكفيك هذه البطارية لفترة طويلة فتبقى معارفك صالحة وأنت قادر على العطاء والاستفادة مما تعلمته لسنوات مديدة.
مع مرور الزمن، أصبحت بطارية المعرفة أقصر عمراً وأقل قدرة على تقديم طاقة مستمرة، فما أن تشحن بطاريتك المعرفية بمعلومات جديدة حتى تجدها قد فرغت وأصبحت بحاجة إلى إعادة شحن.
على الرغم من أن التوجه العالمي يتجه نحو الاعتماد المتزايد على البطاريات وطرق تخزين الطاقة لا سيما الطاقة المتجددة، إلى أن بطاريات المعرفة يبدوا أنها تسير عكس التيار وفي طريقها إلى الانقراض، فلن يطول اليوم الذي لن نحتاج فيه لتخزين المعرفة إلّا بالحد الأدنى، ستصبح المعارف متوفرة بشكل مستمر فنأخذ منها ما نحتاج وقت نحتاج.
لا أدري ما الذي سيشغل هذا الحيز الجديد المتاح من ذاكرتنا بعد أن نتوقف عن خزن المعرفة بالشكل الذي نعرفه اليوم، ربما سنصبح أكثر تحرراً من قيود المعرفة، وأكثر انغماساً بالكيف لا بالكم.
اترك تعليقا