لا شك أنك مررت بأحد أحلام اليقظة وأنت تفكر في السلم الوظيفي المعتمد في مؤسستك، وتخيلت نفسك تعتلي درجات تلك السلم، أو على الأقل فكرّت في السبل التي تمكنك من ذلك.
لا ضير على الإطلاق إذا كنت قد قمت بذلك، فحتى اليوم نرى الكثير من الموظفين يضعون السلم الوظيفي نصب أعينهم، ويعتبرونه أملهم الوحيد للوصول إلى النعيم المهني.
عندما تم وضع السلم الوظيفي كان الهدف منه إيجاد عملية واضحة يمكن من خلالها للموظف أن ينتقل إلى مستوى وظيفي أعلى يزيد خلاله راتبه وسلطته ومسؤولياته.
على الرغم من أمواج التغيير الهائلة التي ضربت جميع شواطئ الإدارة وموانئها، إلّا أن السلم الوظيفي يظهر عصياً على هذا التغيير، ربما لعلو درجاته فمن يقف أعلاه يشعر بالأمان ويعتقد أنه بعيد عن البلل، أو ربما لأسباب أخرى لا مجال للخوض فيها هنا.
ما أرمي إليه في بوحي هذا أن أسوق الأسباب التي تدفعني إلى الاقتناع بوجوب تفكيك درجات السلم الوظيفي، واعتباره غير مناسباً لما نعيشه اليوم.
لقد أصبح الارتقاء الوظيفي العمودي خياراً من ضمن خيارات متعددة وليس كما كان في السابق خياراً وحيداً، فنتيجة تشابك الاختصاصات والمهن، أصبح من اليسير عليك الانتقال من اختصاص إلى اختصاص آخر قريب ببذل بعض الجهد، وطبعاً سيتم هذا بعيداً عمّا يسمى بالسلم الوظيفي.
ليس هذا فقط، بل إن الاهتمام والدعم المتزايدين لريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر جعلتها خياراً جاذباً للكثيرين، وهو ما ساهم في إبعاد السلم الوظيفي التقليدي عن الواجهة، فنحن نعلم أن تلك المشاريع تتبع نمطاً إدارياً مختلفاً وأكثر مرونة.
أضف إلى ذلك أسباب أخرى عديدة كتوجه الجيل الحالي إلى التنقّل بين الوظائف، وقلة عدد المناصب الإدارية العليا نتيجة تسطيح العديد من الهياكل التنظيمية.
ربما سيكون التوجّه نحو الحفاظ على البيئة والتوقف عن قطع الأخشاب لبناء سلالم وظيفية جديدة، والاعتماد على الأشجار الوظيفية الموجودة أصلاً.
اترك تعليقا