إذا واجهنا مشكلة وأردنا حلها بطريقة مبتكرة أو رغبنا بالحصول على أفكارٍ أصيلة، فإننا نقوم بالتفكير فيها بكل جوارحنا. عاصرين أفكارنا، ضاغطين خبراتنا، محاولين الوصول إلى الحل المطلوب.

في مكان العمل ربما تجدك نفسك محشوراً في جلسات العصف الذهني، مخطوفاً في اجتماعات متتابعة، أو مطالباً بحلول سريعة.

في أغلب الأحيان تكون نتيجة هذا التركيز الذهني الكبير أفكار عادية أو حلول باردة لا تتسم بالأصالة والإبداع.

إذا سألت نفسك عن سبب ذلك فربما تضع في قفص الاتهام قدراتك الذهنية المتواضعة، أو خبراتك الفقيرة، أو عدم امتلاكك ملكة التفكير الإبداعي الخلّاق.

كبداية، أدعوك إلى إطلاق سراح جميع من وضعتهم للتو في قفص الاتهام، فقدراتك وخبراتك ليست مسؤولة لوحدها عن ابتكارية الحلول التي تخرج بها.

ربّما تكون الإجابة في دارسة أجريت في جامعة أمستردام، قام الباحثان في هذه الدراسة بإنجاز ثلاث تجارب لتبيان العلاقة بين أنماط التفكير المختلفة وتوليد الأفكار الإبداعية والأصيلة. تم سؤال المجموعة الأولى عدد من الأسئلة وطلبوا منهم الإجابة عليها بشكل مباشر، أما المجموعة الثانية فطلبوا منهم إجابة الأسئلة بعد أن يقوم المشاركون بالتفكير فيها بشكل واعٍ لعدة دقائق، أما المجموعة الثالثة فتم إلهائهم بعد طرح الأسئلة بأمور أخرى، ومن ثم طلب منهم الإجابة.

المفاجأة أن أعضاء المجموعة الثالثة الذين أجابوا على الأسئلة بعد أن انشغلوا بأمور أخرى كانت إجاباتهم أكثر إبداعاً وابتكاراً بشكل واضح مقارنةّ بباقي الإجابات.

أي أن التفكير اللاواعي هو حل فعّال للخروج بأفكار مبتكرة وحلول إبداعية، وهذا ما يحدث لك عندما تنصرف عن التركيز على الموضوع الذي تفكّر فيه، فتدخل بما يسمى مرحلة الحضانة ويعمل عقلك على التفكير بشكل لا واعٍ بالحل المطلوب أثناء قيامك بأمور أخرى، لتحصل على الفكرة التي تريد في مكان وزمان لا تتوقعهما.

في المرة القادمة التي تبحث فيها عن أفكار أصيلة، هوّن على نفسك قليلاً، اشغل نفسك بأمور أخرى، وانتظر.