أي باحث أكاديمي رصين يعرف أن وجود ارتباط بين متغيرين لا يعني بالضرورة أن أحدهما يتسبب في حدوث الآخر.

بعيداً عن الجانب الأكاديمي، أنصحك أن تضع عبارة “الارتباط لا يقتضي السببية” نصب عينيك في حياتك المهنية، فالعديد من المطبات والمشاكل التي تقع بها تعود إلى تجاهل هذه العبارة.

إذا كنت تبحث عن عمل وتقدمت لعدد من الوظائف ولاحظت أنه في كل مرة يقابلك فيها شخص واحد لا يتم دعوتك إلى مقابلة أخرى على خلاف الحالات التي تقابلك فيها لجنة مكوّنة من عدة أشخاص. قد تستنتج هنا أن سبب رفضك هو عدم نزاهة الشخص الذي يقابلك، بينما قد يكون السبب خلاف ذلك كوجود أعداد كبيرة من المتقدمين لهذه الوظائف فيتم توزيع المقابلات على الأشخاص فرادى، بينما يقابلك عدة أشخاص إذا كان هناك عدد قليل من المتقدمين.

إذا نظرت إلى المشاريع أو المبادرات التي أخفقت ولاحظت أنها تتميز بأن فرق العمل التي كُلفت بتنفيذها تتكون من عدد كبير من الموظفين مقارنةً بباقي المشاريع، ربما تقفز إلى أن سبب فشل هذه المبادرات هو زيادة عدد أعضاء الفريق، ولكن هذا يمكن أن يكون مجرد وهم لأنه عادة ما تتكون فرق العمل المكلفة بإنجاز المشاريع المعقدة ذات مخاطر الإخفاق العالية من عدد أكبر من الموظفين.

ربما يعزيك أنك لست الوحيد في ذلك، فالكثير من الدراسات والاستنتاجات وقعت في هذا الفخ، كالاعتقاد أن الأبراج الفلكية للأطفال في مراحل الدراسة الأولى تؤثر على نتيجة اختبار الذكاء وهذا التأثير يتلاشى مع الوقت، ولكن اكتشف بعد ذلك أن السبب الحقيقي في ذلك عمر الطفل وشهر ولادته في أول أو آخر العام وبسبب أن الأبراج تعتمد على تاريخ الميلاد ظهر هذا الارتباط وتم الانخداع بهذه السببية الخاطئة.

لو أمعنت التفكير قليلاً في التسبيبات التي تقذفها يومياً، ستجد العديد من الأمثلة التي تجرّ بها الارتباط مكرهاً إلى مقعد السببية.