ما إن نجلس في بيئة داخلية، حتى نجد أنفسنا منجذبين تلقائياً إلى النوافذ، ربما لأننا نتوق إلى رؤية شيء جديد، أو أننا نجد فرصة لتوسيع مداركنا ومجال الرؤية أمامنا.

منذ أن فُتحت تلك الكوة في اليوم السابع وبشرّت بنهاية الطوفان السومري منذ آلاف السنين، ونحن نرى النوافذ تلقى مزيداً من الاهتمام والتقدير، حتى أننا إذا نظرنا إلى الأبنية الحديثة فنجد أن جدرانها الزجاجية بالكامل ما هي إلّا نوافذ عملاقة.

وصلت النافذة إلى علوم الإدارة منذ زمن، فنافذة “جوهاري” حاضرة منذ العام 1955م لتساعدنا على فهم أنفسنا، وكذلك فهم علاقتنا بالآخرين، بالإضافة إلى مساعدة المؤسسات على اكتشاف النقاط العمياء فيها ووضعها تحت الضوء.

أما والحال كذلك، فإني لا أجد من الحكمة أن تتجاهل النوافذ في حياتك المهنية. عندما تشعر بالضيق ستجدها أمامك لتنفذ منها إلى منطقة أرحب، أو على الأقل لتطل منها وترفع يدك ملوحاً، أنا هنا.

عندما تحصل على ترقية، اترك نافذة بينك وبينك مرؤوسيك فيمكنك أن تراهم، كما يمكنهم أن يروك. وما أجمل أن تكون هذه النافذة كبيرة فيمكنك عندما تريد أن تقفز منها إليهم، أو تمد يدك لأحد منهم فترفعه إليك.

قد تكون النافذة هنا أجدى من الباب المفتوح، الذي نتخيله مفتوحاً ولكن نكتشف بعد ذلك أنه مغلق وبإحكام بواسطة السياسات والإجراءات واللوائح.

عندما تطلق مشروعاً، اترك نافذة ليطل منها مشروعك إلى مشاريع أخرى، فقد تجده بعد فترة جزءاً منها، أو أن أحد تلك المشاريع قد قفز وانضم إليك. في الحد الأدنى ستفتح لك تلك النافذة مجالاً للرؤية والإلهام، والتعلم واجتراح حلولاً كانت لتضنيك لو أردت اكتشافها لوحدك.

لا أجد من الضروري أن أذكرك بأنه عندما تختلف أو تتنافس مع أحدهم، ابحث عن تلك النافذة واحرص على تركها مشرعة بينكما، فلربما نظرت فرأيت نفسك تسير معه كتفاً بكتف على درب نجاحك المهني.