لكم تمنيت – سيادة الرئيس – أن أحشر هذا المقال في جزء واحد فأريحك وأستريح، ألا يكفيك ما كابدته حتى الآن مع ذاتك المهنية، وتقلّبك ما بين رئيساً ووزيراً للخارجية والداخلية والدفاع.
لا أخفيك أنني حاولت ذلك ولكن يبدو أن تلك الذات المهنية أعقد مما تصورت، وأعمق من تلك المياه الضحلة التي رأيتها عندما لاحت لي فكرة هذا المقال.
كل ما أستطيع أن أقوم به هنا لأهوّن عليك، أن أدمج لك بعض الوزارات وأن أتجاهل وزارات أخرى، عسى أن تجد ذلك إلى عقلك أقرب، وإلى نفسك أوقع.
لن تستطيع التنصل أحياناً من ترأس وزارة المالية والاقتصاد، فتعكف على وضع الخطط الاقتصادية التي من شأنها توفير الدخل المناسب لك لتحسين مستوى معيشتك، وربما تكوين أصول أو رأس مال مناسب. وأيضاً تضع موازناتك الشخصية وتضبط مصروفاتك واستثماراتك بالشكل الأمثل.
كذلك عليك أن تحتفظ بكراستك وقلمك قريبين منك ما استطعت، فمن المؤكد أنك ستجد نفسك يوماً وزيراً للتعليم. لا تقلق فلن تحمل عبء إصلاح وتطوير النظام التعليمي، ولكنك ستكون مسؤولاً عن بناء ذاتك الأكاديمية وتدعيمها بالشهادات المهنية المناسبة، ولا أجد حرجاً في أن أهمس لك بأن وزارة الثقافة قد دُمجت بوزارة التعليم فأنت مسؤول أيضاً عن تثقيف نفسك وإخراج رأسك من خيمتك المهنية الضيقة لتطل به على سهول المعارف الواسعة.
في أحد الصباحات الجميلة، ستجد عن باب البيت وأنت تهم بالخروج رداءً أسود اللون عليه لصاقة مكتوب عليها “خاص – وزير العدل”، كل ما عليك القيام به هو ارتداء هذا الثوب والنظر في قضاياك المهنية فتحكم بضميرك الحي ما استطعت، وتحاول النفاذ إلى روح القانون لتصون حقاً هنا وتفي بما وعدت هناك.
دعني أختم بأن أخلع عنك الرداء الأسود وألبسك معطفاً أبيضاً وأهنئك على استلام حقيبة وزارة الصحة، فأنت مسؤول الآن عن صحتك وعن الموازنة بين حياتك المهنية والشخصية، وعن العمل على تخفيف توترك المهني إلى حده الأدنى، وأن تذكّر نفسك دائماً أن لجسدك عليك حق، وأنك مسؤول ليس عن نفسك فقط، ولكن عن عائلتك ومحبيك.
بعد هذا الجولة المرهقة بين المناصب والوزارات، ربما آن الأوان أن تركن إلى ذاتك المهنية فتنظر إليها بكثير من الاحترام والتقدير، وتشمّر عن ساعديك لبنائها كما يجب.
اترك تعليقا