ينظر العديد إلى ذواتهم المهنية بكثير من التبسيط، ويتعاملون معها بمنتهى الاستخفاف والتلقائية.

هل هذا ما يجب أن تكون عليه إدارة الذات المهنية؟ أم أنها أكثر تعقيداً من ذلك؟

هناك معلومتان أحدهما تسر الخاطر والأخرى تكفهرّ لها المحايي، المعلومة الأولى أن الذات المهنية أكثر عمقاً وتركيباً مما تظنّ، وأنها أشبه بدولة مكتملة الأركان لها مقومات وجودها وأسباب ازدهارها ومواطن ضعفها وهوانها.

أما المعلومة الثانية فهي أنك وحيد في هذه الدولة وعليك أن تتقمص جميع الأدوار المطلوبة وتقوم بالمهام المتوقعة في الأوقات المناسبة، حتى تتمكن من بناء ذات مهنية ناجحة مستدامة.

أولاً أنت الرئيس! هنيئاً لك الرئاسة فلديك صلاحيات واسعة لاتخاذ القرارات والتوجيه بما تراه مناسباً، كما أن يدك مطلقة لتشكيل الوزارات وتفعيل ما شئت منها ساعة شئت.

ستحتاج لأن تقوم بدور وزير الخارجية في بعض الأحيان، فتتواصل مع الدول الأخرى (الذوات المهنية الأخرى) في محيطك وتبني معها علاقات حسن جوار، كما تقوم بعقد تحالفات منها الاستراتيجي ومنها التكتيكي لمساعدتك على بلوغ أهدافك، وعليك أن تتفاعل مع المسائل الهامة التي تدور في كوكبك المهني وتتخذ منها مواقف تنسجم مع قيمك المهنية.

قد تجد نفسك فجأة وزيراً للدفاع وعليك أن تحمي حدود دولتك من العابثين ومن الأخطار الخارجية، وتعزز قدراتك الدفاعية للتصدي لأي انتهاك محتمل لسيادتك المهنية، وكذلك عليك أن تشرف على تسليح نفسك بأحدث المعدات والأسلحة الرادعة، هذا بالإضافة إلى المشاركة في حفظ السلام الدولي المهني والتعامل مع حالات الطوارئ والكوارث في حال وقوعها.

كما قلت لك فأنت وحيد في دولتك، لذلك لا تستغرب إذا ما اضطررت لتقوم بمهام وزير داخليتك، وهنا عليك السهر على ضمان أمنك الداخلي والتعامل مع الأفكار والوساوس الهدامة التي تتسلل إلى ذاتك، وتزرع التردد والتشويش في عقلك. كذلك عليك تنسيق حركة سير الأفكار في رأسك، وضمان السلامة المرورية لتلك الأفكار فتتجنب وقوع الحوادث والاصطدامات التي تؤدي إلى عرقلة حركة المرور المهني السلس والناجح.

لا تذهب بعيداً أيها الرئيس، فللحديث بقية…