نعتمد في ممارسة الإدارة على الكثير من الأدوات والمنهجيات والنماذج، وذلك لأداء العديد من مهام التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة.

لو قمت بتوجيه سؤال إلى أي خبير أو مختص عن استخدامات إحدى تلك الأدوات أو المنهجيات، ستجد الإجابة حاضرة وبشكل مباشر: هذه الأداة تستخدم لكذا.

في الغالبية العظمى من الحالات يكون الجواب محصوراً في استخدام واحد. عندما تسمع هذا الجواب عليك أن تتذكر الصندوق الوهمي الذي نحن بصدد بيانه في هذا المقال.

فكرة الاستخدام الواحد لأي أداة أو منهجية أو نموذج إداري هي خيال لا أكثر، وبعيدة كل البعد عن الواقع العملي.

يمكنني أن أجمع لك عدة أسباب في باقة وأقدمها لك كهدية محاولاً إقناعك؛ إن فكرة الاستخدام الواحد جاءت بدايةً من الشخص الذي قام بتطوير هذه الأداة أو تلك المنهجية، فعندما قام بذلك كان في ذهنه هدف واحد وتطبيق واحد واستخدام واحد لا غير، ولا يمكننا أن نلومه في ذلك فهذا أمر طبيعي ويحصل مع الجميع.

تكرست فكرة الاستخدام الواحد عندما بدأ الآخرون يطبقون هذه النماذج والأدوات وبدأت بالانتشار والشيوع بين الممارسين، وكلما زادت الأداة شهرةً وتداولاً، كلما ترسّخت فكرة استخدامها الوحيد في الأذهان.

من الأسباب الأخرى أيضاً هزالة الابتكار، واستصعاب التعمّق، وخشية الإضافة، فعندما نتوقف عن التساؤل كيف لنا أن نستخدم هذه الأداة في مجال جديد؟ أو أن نعتمد على هذه المنهجية في قطاع آخر؟ فإننا نقوم بتكريس فكرة الاستخدام الواحد.

أبسط مثال أنظر فأجده أمامي هو مشبك الورق، عندما اخترع النرويجي يوهان فالر مشبك الورق عام 1901، وهو ذلك السلك المعدني الصغير الذي لا يخلو منه أي مكتب، ويكون ملفوفاً بعدة أشكال ويستخدم لتثبيت عدة أوراق مع بعضها البعض، لم يكن في ذهنه سوى ذلك الاستخدام الواحد.

ولكن على رغم البساطة الشديدة للمشبك، إلا أنك لو بحثت اليوم لوجدت عشرات الاستخدامات لهذا السلك في مجالات عديدة من تثبيت هاتفك الذكي، إلى شد إطار نظارتك، إلى الوصول لزر إعادة تشغيل أجهزتك الإلكترونية، وغيرها الكثير.

ربما عليك مقاومة الرغبة في السير على طريق الاستخدام الواحد، والتوقف عن رسم صندوق وهمي في حياتك الإدارية.