هل تعلم أن غالبيتنا لديه ميل نحو التشابه؟ بمعنى أننا نفضّل في تعاملاتنا مع الآخرين وفي علاقاتنا المهنية أن نكون متسقين مع المجموعة أو الفريق أو زملاء العمل.

لذلك نجد أنفسنا في كثير من الأحيان منساقين إلى تأييد قرارات، أو الموافقة على طروحات رغم أننا غير مقتنعين بها بشكل كامل، ولكن بسبب أن من حولنا يرونها صحيحة وأنها الخيار الأنسب.

كلما زاد التوافق من حولنا حول أمر ما، كلما صعب علينا الاختلاف، والتفكير المستقل، والنظر إلى الأمور بمنظور محايد.

يوجد عاملان حاسمان يمكننا من خلالهما التعامل مع هذا التحدي، الأول هو قدراتنا ومهاراتنا المهنية، فعندما نمتلك المعرفة المناسبة والقدرة على توظيف هذه المعرفة بشكل صحيح، فإننا سنصبح أكثر استقلالية وتمكّن من رؤية الأمور بوضوح.

العامل الثاني هو الثقة بالنفس، وهو مرتبط بشكل وثيق بالقدرات والمهارات، فعندما نمتلك القدرات والمهارات المناسبة، تزداد ثقتنا بأنفسنا، وهذا يعزز من قدرتنا على الاختلاف والتفكير بصوت مسموع.

يوجد عوامل عديدة تساهم في بناء الثقة بالنفس في الإطار المهني، كالأمان الوظيفي والإحساس بالقبول والثقة ضمن فريق العمل ووضوح الأهداف والمشاركة في إنجازها وغير ذلك.

والمفارقة هنا أن البعض يحاول بناء الثقة بالنفس سالكاً طريقا الإياب لا الذهاب كقيامه بموافقة الأغلبية دون تفكير ليشعر بالقبول والثقة ضمن الفريق، والذي بدروه يمنحه الإحساس الزائف بالثقة بالنفس.

ميلنا إلى موافقة الآخرين عندما يزدادون كماً أمر مألوف ونراه في حياتنا العادية كظاهرة ثقافة القطيع والسير مع الجمع دون إدراك.

وكذلك تنبّه علماء النفس الاجتماعي لهذه الظاهرة منذ زمن طويل ففي إحدى التجارب عرض على مجموعة من المشاركين خطوطاً بأطوال مختلفة ثم تم سؤالهم: أي خط هو الأطول؟ تم وضع مشارك حقيقي واحد في كل مجموعة بينما الآخرون ممثلين تم توجيههم لإعطاء إجابة خاطئة. الغريب أن المشارك الحقيقي كان يتفق في أغلب الأحيان مع المجموعة رغم أنه يعلم أنه يقدم إجابة خاطئة.

عندما تثق بفكرة أو رأي لديك، لا تترد في طرحها ولو أبعدتك عن الأغلبية. فالعظام الذين تسمع عنهم ما كانوا عظاما لولا خروجهم عن السائد، وجرأتهم في التفرد.