ازدادت أهمية التسويق في العصر الحديث بشكل كبير، وأصبح التسويق الإلكتروني من الأنشطة التي لا غنى عنها لغالبية الشركات. كما أصبح التسويق على أجندة مؤسسات لم تكن تعيره اهتماماً كبيراً في الماضي كمؤسسات القطاع العام، والجهات غير الربحية، وغيرها.
هل ستصمد مبادئ التسويق التقليدية خلال السنوات المقبلة؟ وكيف ستتغير أنشطة التسويق في المستقبل؟ سنستعرض ذلك في هذا المقال من خلال التركيز على عناصر المزيج التسويقي أو ما يعرف بالـ 4 Ps.
مستقبل المنتجات
سيتسارع مسار تخصيص المنتجات سواءً سلع أو خدمات في المستقبل، وستصبح القاعدة هي إنتاج السلع عند الطلب. ستصبح المصانع العملاقة والمجمعات الصناعية شيئاً من الماضي، وسيحل محلها وحدات صغيرة متوفرة في كل مكان، تقوم هذه الوحدات بإنتاج سلع مختلفة عند تلقيها طلب شراء من زبون. هذه الوحدات لن تكون مختصة بإنتاج سلع لمؤسسة واحدة ولكنها ستكون قادرة على إنتاج سلع متنوعة تخص منتجين مختلفين قد يكونوا أفراد لديهم منتجات خاصة بهم أو مؤسسة لديها مجموعة واسعة من المنتجات. وحدات التصنيع هذه ستعتمد على التقنيات المتقدمة ما بعد الطباعة ثلاثية الأبعاد والنمذجة الحاسوبية التي ستكون متوفرة في المستقبل. والنتيجة: اطلب المنتج الذي تراه على شاشة جهازك وسيتم إنتاجه لك فوراً بواسطة أقرب وحدة تصنيع إليك.
كذلك الأمر بالنسبة إلى الخدمات، فحالياً تتجه الخدمات إلى الأتمتة وأن تصبح خدمات ذكية، وفي المستقبل ستنتقل الخدمات إلى أن تصبح تنبؤية، فسيتم توفير الخدمات لك بمجرد احتياجك لها وليس عندما تقوم بطلبها. فمثلاً عندما تقوم بشراء سيارة جديدة لن تضطر إلى طلب خدمة التأمين، ستقوم الأنظمة مباشرة بالبحث عن مزودي الخدمات المتاحين وطلب شروط تأمين مخصصة لك بناءً على عدد أفراد عائلتك، سجل المخالفات المرورية لديك، طبيعة قيادتك والمسافات التي قطعتها في الفترة الماضية، والطرق التي قمت بالقيادة عليها وغير ذلك من العوامل، والمخرج النهائي سيكون حصولك على أفضل خيار لخدمة تأمين السيارة دون أن تقوم بطلب الخدمة.
مستقبل التسعير
لن ترى في المستقبل بطاقة تظهر سعر المنتج، كذلك ستندثر عروض التسوق والتخفيضات ومهرجانات التنزيلات التي نشهدها اليوم، سيصبح السعر متغيراً بشكل مستمر وذلك اعتماداً على مزيج كثيف من المدخلات تقوم الأنظمة الذكية بتحليلها واقتراح السعر المناسب بناءً على ذلك.
كذلك سيزدهر نموذج العمل القائم على الاستخدام التشاركي للمنتجات، فمن النادر أن نرى في المستقبل شخص يقوم بشراء منتج غالي الثمن، وإنما سيتم مشاركة هذه الأنواع من المنتجات بين المستهلكين، وهو نموذج قريب من نظام الإيجار المتواجد حالياً ولكن أكثر تقدماً ومرونة فيمكنك أن تستخدم قاربك لعدد محدود من الأيام كل شهر، أو أن تسكن في شقتك الموجودة في أحد المنتجعات السياحية لمدة شهر واحد سنوياً.
مستقبل التوزيع
على الرغم من التنافس العالمي حالياً على استدامة سلاسل الإمداد، لن يبقى الأمر على هذا الحال في المستقبل، فلن يكون هناك حاجة إلى نقل المواد الأولية من مكان إلى مكان حيث أن إنتاج الطاقة سيكون متاحاً اعتماداً على مصادر متجددة تتسم بالوفرة، كذلك فإن صناعة المواد ستشهد طفرة كبيرة بحيث يمكن تركيب المواد المستخدمة في الصناعة عند الطلب.
لن يكن هناك حاجة إلى متاجر وواجهات ورفوف ومخازن، سيصبح كل ذلك إلكترونياً والتصنيع والتوصيل عند الطلب.
مستقبل الترويج
لن يوجد في المستقبل إعلانات في أجهزة التلفاز أو المجلات أو أجهزة الراديو، كذلك لن ترى تلك اللوحات الإعلانية على الشوارع والطرقات. نتيجة توفر كم كبير من البيانات الشخصية على مدار الساعة، سيكون ترويج المنتجات مباشر لكل شخص على حدا.
على سبيل المثال: ستتلقى رسالة إلكترونية عن التشكيلات الحديثة من البدل الرسمية إذا أظهرت البيانات أنك قد تلقيت دعوة لحضور حفل رسمي، وأنك قمت بتأكيد الحضور، كما أنك لم تشتري منذ فترة طويلة بدلة مناسبة لحضور حفل رسمي، وستصلك التصاميم والألوان التي تناسب شخصيتك وذوقك في انتقاء الملابس.
ستكون الرسائل الترويجية والإعلانات عابرة للشركات، فلن يصلك إعلان من كل شركة على حدا، بل إعلان واحد من مجموعة واسعة من المنتجين بتشكيلة مصممة لك شخصياً.
لن تصمد معظم نظريات وأنشطة التسويق الحالية في المستقبل، ومفتاح تسويق المستقبل سيكون التخصيص، وتوفير منتجات وعروض مصممة بعناية لكل واحد منا.